القائمة الرئيسية

الصفحات

نظرة في كتاب تعرية النرجسي للكاتبة ويندي بيهاري

نظرة في كتاب تعرية النرجسي للكاتبة ويندي بيهاري



نظرة في كتاب تعرية النرجسي للكاتبة ويندي بيهاري



النرجسي كما وصفته ويندي بيهاري في كتاب تعرية النرجسي "المستغرق بذاته"، النرجسي هو شخص غارق في حب الذات، يرى الأشياء والمواقف تتمحور حوله، يفسر الواقع من زاوية إدراكه وفهمه الخاص.


قد يستحق التعاطف لأن هذا جزء أصيل في شخصيته، راجع لنشأته منذ الطفولة، حيث أنه إما تعرض لإهمال شديد من والديه حد القسوة، أو تعرض للمبالغة في التعظيم وتضخيم الذات

 

وطبقاً لما جاء في كتاب تعرية النرجسي، فهناك نظريات تشير أن النرجسي ترعرع في صغره لأحد الصور التالية:


- الطفل المدلل بشكل مفرط والناشيء في وسط تربوي لا يضع الحدود الصارمة ويتم التعامل معه بشكل فضفاض.

 

- الطفل الاتكالي الذي يسهل له والداه أو أحدهما حياته الى أبعد حدود ويقومان بالأعمال نيابة عنه.

 

- الطفل المحروم من الحب والحنان وإن نال الحب يكون حب مشروط لا حب لشخصه فهو ليس له الحق إن اخطأ أو قصر أو فشل ولكن يربى على المثالية والتفوق لينال الحب.

 

ولذلك تنصح ويندي بيهاري داخل كتاب تعرية النرجسي، أن يتعلم الطفل في منزله الاحتفاء بذاته لكل نماء وتطوير وإنجاز يقوم به، بجانب تنمية حس المسؤلية تجاه الآخرين.

بحيث ينشأ كشخصية متزنة، فلا هو يشعر بالتفرد والعظمة وكأنه محور الكون، ولا يصبح نسخة مكررة تابعًا للغير يعيش حياته ساعياً في إرضاء الآخرين.


 

جولة داخل رأس الشخص النرجسي

 

رسالة النرجسي هي أن يتخفى خلف قناع من الاستقلالية لا شريك له فيها، والاعتماد على ذاته خصوصاً الرجال منهم، وبالتالي هو يخاف من فقدان الإحساس بذاته عند الدخول في اندماج عاطفي، ولذلك فالحميمية تخنق النرجسي وتشعره بالخطر.

 

الشخص النرجسي دائم البحث عن الإعجاب والإشادة به، ولكن أي مقاطعة منك أثناء إلقاءهم لخطبهم العصماء - بخلاف مدحهم والثناء عليهمفأنت غير مرئي لهم ولا مسموع.

 

تقول الكاتبة في كتابها "تعرية النرجسي" أن غالبية مواقع الشهرة الصاخبة والنجاح الساحق تكون محجوزة للأشخاص النرجسيين.

 

تشير الكاتبة في كتاب تعرية النرجسي إلى وجود صمت مطبق ثقيل داخل العلاقة بين الشخص النرجسي والضحية، فتقول: يوجد صمت متفق عليه بين النرجسي ونفسه الدفينة، وبينك وبين مشاعرك الحقيقية عندما تكون في صحبته، وبينك وبينه أثناء تعاطيكما مع بعضكما البعض، وهو أمر لا يدعو للاستغراب بالنظر إلى النتائج المتوقعة والبغيضة عادة للأفعال المتبادلة بينكما.

 

المشاعر التي يثيرها النرجسي في ضحاياه للسيطرة عليهم

 

1. التضحية بالنفس: من الصعوبة بمكان أن تطلب احتياجاتك من دون الشعور بالذنب وعدم الجدارة، ويجعل النرجسي الأمر أكثر صعوبة، فقد تشعر بأنك حائر بين مشاعر الاحساس بالذنب والاستياء.

 

2. الخنوع: من الصعب أن تكون متأكداً عندما يتعلق الأمر بحقوقك وآرائك الشخصية، يمكن للنرجسي أن يكون مرعباً، ويجبرك على كظم أو إنكار وجهة نظرك.

 

3. الهجران / عدم الإستقرار: نظراً لأنك خائف جداً من التعرض للرفض أو الوحدة، تلتزم بالحدود التي يفرضها النرجسي وتحتمل السلوكيات المؤلمة التي يظهرها.

 

4. النقص / العار: نظراً لأنك تشعر بأنك ناقص وأنك شخص غير مرغوب فيه، تذعن للنقد الذي يوجهه إليك النرجسي، وتحتمل اللوم والشعور بأنك المخطئ عندما لا يكون مسروراً منك، وتشعر عادة بحاجتك إلى إصلاح نفسك.

 

5. الكبت العاطفي: تعتاد على الاحتفاظ بمشاعرك لنفسك وابقاء عواطفك رزينة وتحت السيطرة، قد يبدي النرجسي انفعالات عاطفية، بينما تقبع أنت في حزن صامت غير مرئي.

 

6. الحرمان العاطفي: تقتنع في حضرت النرجسي بعجزك عن إيجاد شخص يلبي احتياجاتك العاطفية ويحبك ويفهمك بحق، ويحميك ويراعيك كما ينبغي، النرجسي يحقق توقعاتك، وشعورك بالحزن أمر مألوف.

 

7. سوء الظن / الإساءة: علاقتك مع النرجسي عندما يكون مسبباً للألم أو مسيئاً تعطيك شعوراً بإعادة احياء الماضي، أنت تعرف كيف تحتمل الأمر، وتبدو لك مقاومته مستحيلة، حتى عندما تحاول المقاومة، ينتهي بك الأمر غالباً بالإذعان.

 

8. صرامة المعايير: تحاول في هذا المخطط بكل ما أوتيت من قوة، لتكون افضل سواء كنت زوجاً أو صديقاً أو موظفاً، ظناً منك أن هذا متوقع منك، تضحي بالمتعة والعفوية سعياً منك لتلبية معايير النرجسي.

 

 المشاعر والصفات التي يحملها النرجسي نفسه ويشعر بها تجاه ذاته:

 

1. الحرمان العاطفي: لن يستطيع أحد تلبية احتياجاته ومحبته كما هو، وبالتالي يجب عليه ألا يحتاج إلى أحد، ويسعى بدأب نحو الكمال والنجاح والاستقلالية.

 

2. سوء الظن / الإساءة: يقتنع بأن الناس لطيفون معه فقط لأنهم يريدون شيئاً منه، ويتجنب الحميمية الحقيقية وشكاك جداً حيال دوافع الآخرين.

 

3. النقص / العار: في أعماق نفسه اللاوعية يشعر بأنه غير محبوب، وخجل من نفسه، ويبعد إدراك ذلك عن وعيه من خلال الانغماس في إدمان أنشطة مواساة النفس (بما في ذلك الإفراط في العمل) ويطلب الاستحسان على أداءه المتميز ويبدي أحقيته في الحصول على معاملة خاصة.

 

4. الكبت: السيطرة أو الخضوع له، فهو مسيطر.


5. صرامة المعايير: لا يوجد متسع من الوقت للعفوية التي يمكن أن تهدد إحساسه بحسن اخفاء عدم كفاءته. يجب عليه التضحية بالمتعة بغية القيام بالأمور بصورة مثالية وبلا هوادة غالباً، ويهتاج عندما يخرج من نمط الأداء الذي يتبناه.


6. الفوقية / العظمة: تعد هذه الصفة دمغة النرجسي المميزة، يشعر بخصوصيته عندما يتعرض لمعاملة مختلفة عن الآخرين، القواعد لا تنطبق عليه، لديه أحلام نابعة من العظمة وإحساس بأهميته الفائقة، ويعد هذا غطاء لإحساسه بالنقص


7. تمالك النفس الضعيف: يرفض قبول القيود وقلما يحتمل الانزعاج، يريد النرجسي ما يريده، بالكمية والموعد اللذين يحددهما، ولا يمكنه تحمل الإضطرار لإنتظار ما يريده أو الرفض.


8. السعي للاستحسان: يبحث دوماً عن التقدير والمكانة والاهتمام من الآخرين، وهذا الأمر غالباً ما يكون تعويضاً مفرطاً عن وحدته وإحساسه بالنقص.

 

الأقنعة الأربعة الأكثر شيوعاً لدى النرجسي وكيفية التعامل معها:

 

>> المتباهي: هو شخص متعطش للافتتان، والشعور بحسد الناس له، جذاب وعاشق للاضواء والظهور.

حاول أن تتعامل معه بلطف من دون أن يعميك بريقه عند التعامل معه وتجنب أن تغذي فيه هذا التعطش بشكل مبالغ فيه.

 

>> المتنمر: هو شخص يعاني من سوء ظن شديد تجاه الناس ودوافعهم، يخاف من أن الآخرين سيحاولون السيطرة عليه، أو إظهاره بمظهر الأحمق

لديه إحساس دفين بالنظر إلى تاريخه بالفراغ العاطفي والشعور بالنقص والعار، فيلجأ لحماية نفسه بتوجيه الإنتقادات والسيطرة على الآخرين، وابقاءك داخل دائرة الشعور بالضعف والعجز.

تعامل معه متسلحاً بالثقة والثبات على موقفك ورفض الإهانة أو التجاوزات.

 

>> الفوقي: هو شخص يرى نفسه في مكانة أعلى من الجميع، ويشعر أنه يستحق أن يعامل معاملة خاصة، شخص لا يخضع لقانون الأخذ والعطاء، غير مهتم بمشاعر الآخرين، لا يستوعب قيمة التعاطف، يتكدر من سماع كلمة "لا" . ولا يبدو عليه أدنى شعور بالندم جراء أفعاله المتغطرسة.

عند التعامل معه تمالك اعصابك، تنفس بعمق، لا تسمح للغضب المتصاعد إلى رأسك أن يجرك خارج منطقة التحكم في نفسك.

 

>> المدمن على مواساة النفس: هو شخص يشعر بالوحدة والهشاشة، ينسحب ويهرب حين لا يجد الاضواء مسلطة عليه بالكامل، ولتفادي هذا الإحساس الداخلي يدمن العمل أو الانفاق المفرط أو الشرب أو تصفح الانترنت، ويمكن أن ينغمس في إلقاء خطبة كاملة في أحد الموضوعات الجدلية.

عند التعامل معه تصرف بإحساس بالمسؤولية عن نفسك ودورك في العلاقة، واضبط انفعالاتك كونك لا تتحمل مسؤولية انفصاله المتكرر عن الواقع.

 

أفعال النرجسية المفرطة كتير وخطرة للغاية أدون بعضها:


  • السرقة
  • التورط في أفعال الفساد والاحتيال 
  • التورط في سلوك مؤذي لفظياً أو جسدياً 
  • الانتقاص منك على الملأ
  • التهديد بإلحاق الضرر منك او من أبناءك
  • تحطيم الممتلكات ورمي الأشياء والتهديد بالحرمان من الأبناء 
  • الكذب المرضي حيال كل شيء 
  • الدخول مع الجيران في مشاجرات وعدم احترام حدود الغير
  • سوء معاملته اللفظية أو العاطفية وقلة احترامه المستمرين من دون أدنى شعور بالندم

 

احذر 


الشخص الذي يشعر داخلياً بالنقص وعدم الاستحقاق، يتخذ من التدابير والافعال ما تقوده في النهاية إلى خسارة ما كان يحارب لاستبقاءه والتشبث به.

 

فالمرأة التي تضمر شعوراً داخلياً بالتوقعات السلبية كالخزلان والهجر أو سوء الظن وتوقع الخسارة، تدفعها مخاوفها إلى حصار زوجها واطباق الخناق عليه بطلباتها اللامنطقية وأساليبها المؤرقة، الأمر القادر في النهاية إلى تدمير العلاقة.

 

فيصير جهدها المبذول للإلتجاء من شبح خسارة زوجها وتخليه عنها، إلى وقوعها مباشرة في قبضة هذا الخطر، وكأنها دفعت نفسها إليه دفعاً آلياً بلا وعي.

 

حتى في بيئة العمل، إذا أصبحت مخاوفك وتبنيك تدابير وقائية اسلوبك طيلة الوقت، قد ينتهي بك الأمر مطرودا بالفعل في اسوأ الأحوال. وقد شاهدت ذلك كثيراً.

 

في علاج الشخصية النرجسية:


في علاج الشخص النرجسي تقول ويندي بيهاري في كتاب تعرية النرجسي: السطوة مهمة لنجاح خطة العلاج مع النرجسيين، وصف جفري يونج ذلك بعبارته "يسعى الاختصاصي العلاجي لإبقاء المرضى على تماس مع معاناتهم العاطفية، لأنه بمجرد اختفاء المعانا يحتمل أن يتركوا العلاج، وكلما استطاع المعالج إبقاء المرضى مدركين لخواءهم الداخلي وشعورهم بالنقص والوحدة، امتلك المعالج السطوة اللازمة لابقاءهم ضمن العلاج. يركز الاختصاصي أيضاً على العواقب السلبية لنرجسية المرضى، مثل رفض الأحبة لهم أو النكسات المهنية. تمثل الروابط العاطفية مع الاختصاصي والخوف من تقييم الآخرين أهم حافزين لمواصلة العلاج".


في حالة وقوعك ضمن دائرة أحد النرجسيين الخطرين الذين يرتقي اذاهم إلى مرتبة أصحاب سمات الشخصية المعادية للمجتمع (السايكوباتيين)، فلا يمكنك الاستمرار معهم حتى وإن كنت صاحب شخصية تتمتع بالسطوة.


العلاج الأمثل لسلامتك النفسية وأمنك واستقرارك وسلامة أبناءك هو وضع خطة للانسحاب والانفصال ومغادرة العلاقة.


هل يمكن للنرجسي "المعتدل" أن يقدم نية صادقة على قبول العلاج وتطبيب الجروح التي أغارها في صدر الضحية ؟

تجيب الكاتبة على هذا السؤال بضرورة توافر ثلاث شروط حتى تتاح فرصة إمكانية مناقشة علاج النرجسي ،،

فضلاً عن اعتراف النرجسي بمرضه وإدراكه مدى ضرره وأذاه وابداء إرادة منه للشفاء، هناك ثلاث شروط ضرورية لبدء العلاج حسب ما ورد في كتاب تعرية النرجسي:

  1. أن تشعر الضحية أنها مفهومة
  2. أن تجد الضحية سبيلاً للتعبير عن نفسها وشعورها بالأمان والثقة مجدداً 
  3. أن تشعر الضحية بالأمان والثقة الكافية للاعتراف بأي تغير يطرأ على النرجسي أو أي علامات عن التعاطف.

 

 قد تظن للوهلة الأولى أن هذه الشروط تقع بالكامل على عاتق الضحية، ولكن نظرة عن قرب تكشف لك أنها تعتمد على التزام النرجسي بالتغيير وتقدم العلاج، ما ينعكس على احساس الضحية واعادة بناء ثقة تمكنها من التفاعل الصحي الذي قد فقدته

 

نصيحة أخيرة:


ولا تنسى ويندي بيهاري أن تنوه لقراء كتاب تعرية النرجسي  في النهاية بضرورة اللجوء إلى متخصص، فقد تظن - دون تدقيق - أنك تمر ببعض المشاعر والأحاسيس المشابهة عند التعامل مع زميل أو أحد الأقارب، ومن الأخطاء التي يقع فيها كثير منا هي محاولة انزال ما قرأه من الصفات والسمات على أحد الأشخاص الذين يخالطهم.


الأمر ليس بالهين ولا اليسير، دع هذا الأمر للمختص، أنت فقط يمكنك أن تجنب نفسك الشخصيات السامة في حياتك ببناء الحدود الواضحة والتعامل السطحي دون انخراط.

 

تأكد أنك المسؤول عن سلامة نفسك، حتى وإن كان ما مررت به ليس ذنبك، ولكن الوقاية منه مسؤوليتك، والوعي بما يحاك لك من خداع وتلاعب نفسي لا يأتي دفعة واحدة، خذ بأسباب التعافي وثقف نفسك لتبصر الدائرة المحيطة بك والشباك التي ظللت أسيراً لها فترة طويلة من الزمن.

 

لخدمة تلخيص الكتب، يمكنك التواصل معي عبر نموذج التواصل ،،

 


أنت الان في اول موضوع
Reactions:

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. غير معرف15.8.25

    شكراً أخي لسرد هذا الموضوع فنحن بأشد الحاجة اليه

    ردحذف

إرسال تعليق