القائمة الرئيسية

الصفحات

معضلة البحث عن الشغف





معضلة البحث عن الشغف




هل خدعوك حين قالوا لك فتش عن شغفك؟! .. أو احتالوا عليك حين نصحوك أن تتبع شغفك؟! .. على كلٌ أنا أيضاً سأخبرك: لا تتنازل عن شغفك ولكن لا تدعه يخدعك!



الطريق إلى الشغف


"الشغف" كلمة تجمع بين الحماسة والرغبة ملفوفين في رداء من الغموض في كثير من الأحيان، ولعل بسبب هذا الغموض ما يصيبك بضبابية الرؤية حين تفتش عن شغفك وتحتار أي طريق تسلك أو أي مجال تختار!!

في هذا الموضوع سنرفع الضباب ونزيل الغموض، لتتضح الرؤية ويسهل القرار وستعرف الطريق وتمر من الباب الذي قل من سيخبرك عنه إلى شغفك ومجال احترافك.


ولكن عدني أن تساعدني، فحتى المريض لا يشفى من داءه دون ارادة منه، درى بذلك أو لم يدري. وحسْبُ الضال من الدليل أن يشير له إلى الطريق، وما النجوم للمسافر إلا علامات.


خدعة الشغف


كثيراً ما كان يراودني سؤال: هل فعلاً نصيحة (اتبع شغفك) هي نصيحة جيدة أم مربكة؟!


في الحقيقة، الشغف -بمعناه الشائع- خدعة كبيرة روجها لنا بعض بائعي الكلام من أهل "التنمية البشرية".



والشغف -مجرداً- كلمة مربكة وغامضة وغير دقيقة تم أساءة استخدامها أغلب الوقت بشكل تجاري أو في نطاق دعائي لأشخاص مؤثرين، بغية اثارة الحماس ضمن قصة مثيرة لجذب الإنتباه أو التأثير على الجمهور.



لأن الشغف الحقيقي ليس بالضرورة أن يرتبط بالإثارة والمتعة طوال الوقت، نعم أعلم أن شغفك بالشيء يجعلك في غاية الاستمتاع حين تنغمس فيه، وقد تبذله دون أن تنتظر أي مقابل، ولكن يبقى السؤال: ماذا لو أنك لم تكتشف شغفك بعد، ولم تحدده بوضوح؟! .. هنا تكمن معضلة البحث عن الشغف.



معضلة البحث عن الشغف


لا شك أن ما قُدم في مسألة البحث عن الشغف من مساهمات عديدة واختبارات وتمارين شخصية، قد ساعد بشكل كبير في رفع الغموض عن شغفنا الدفين واستنباط ميولنا القديمة وجلي الصدأ عن بواعثنا الخفية (راجع مقالي السابق: الشغف .. ما هو وكيف نُعيد اكتشافه؟)، إلا أنه لايزال هناك شريحة عريضة من الناس قد تشعر بالارتباك حال الحديث عن الشغف.


لا تزال هناك شريحة عريضة من الناس يفتقدون الحماسة والمتعة أثناء القيام بأعمالهم، رغم تفوقهم وابداعهم فيه، حتى صارت مسألة البحث عن الشغف أمر يحتاج إلى اعادة نظر.



وإلا ماذا لو أنك لا تعرف ما الذي أنت شغوفاً به؟ .. ماذا لو أنك لا تعرف شغفك أصلاً؟ .. فهل يمكنك أن تبحث عن شيء لا تعرفه؟! .. بالطبع لا، فالبحث هنا له طريقة أخرى ..



كما قلتُ، قد يدخل الباحث في دوامة من العمل والتجارب والتنقل بين أكثر من وظيفة بحثاً عن الشغف دون أن يشعر أنه قد حصل على الوظيفة التي تشعره بالحماس والشغف رغم تفوقه بها.



وبعد قضاء وقت طويل من العمل في مجال ما وتراكم الخبرات الكافية والإتقان والتفوق، يتولد لديه في كثير من الأحيان تعلقاً وحماساً وشغفاً بهذا العمل، هذا ما جرى بخلاف العادة أن الشغف ضالة المرء الذي يعيش يبحث عنه.



لتنقلنا هذه الحالة إلى مفهوم جديد وغريب عن الشغف، ينص على أن: الشغف لا يُوجد ولكنه يُبنى. وهنا يظهر الخلل في التعريف الغامض عن المفهوم القديم للشغف.



انتبه
الشغف لا يُوجد ولكنه يُبنى



إذاً ما هو التعريف الدقيق للشغف؟


كما قلنا فإن سمة الشغف أنه يُبنى بناءً، ولا يوجد بشكل افتراضي لدى الشخص، نعم قد يكون للشخص ميول أو موهبة تحدد له شغفه منذ البداية، ولكن بدون أن ينمي هذه الموهبة ويعتني بها ويعمل على بناءها فلن تصير له شغفاً.



ومن هنا خلصت بعض الدراسات إلى أن التعريف الدقيق للشغف هو:


>> الشغف هو العمل أو المهنة التي توفر لك ثلاث احتياجات: الإبداع - الحرية - التأثير


إذاً أياً كان مجال عملك أو وظيفتك طالما أنها تقدم لك الابداع، والحرية، والتأثير. هنا يمكن القول أنها شغفك.



إذاً ما المقصود بالإبداع والحرية والتأثير؟

الإبداع: كأن تستطيع أن تقدم عملك بأكثر من طريقة، وبعيداً عن النمطية المتحجرة، وبأفضل شكل مرن تفضله.


الحرية: المقصود بها الوقت، حرية الوقت، فلا حاجة لأن تظل حبيس مقر عملك من الساعة 9 ص وحتى 5 م مثلاً.


التأثير: أي عمل يحوي قيمة تؤثر في الناس والبيئة بشكل إيجابي ويشعرك بالحماس والرضا هو من الشغف.



الجدير بالذكر هنا أن الاحتياجات الثلاثة (الإبداع - الحرية - التأثير) تأخذ في الظهور والتبلور ونبدأ في مشاهدة نتائجها بشكل ملموس بعد بذل الوقت والجهد والاستمرارية، مما يؤكد أن الشغف هو حالة يبنيها الشخص ولا يجدها، مرة أخرى الشغف يُبنى ولا يُوجد.



إذاً جرب واختبر نفسك في أكثر من مجال، وتعلم واكتسب المهارات القيمة وخذ وقتك الكافي واصبر، فمن الصعب جداً أن تتنبأ ما هو الشيء الذي سيرتبط به شغفك إلا بعد أن تجرب، فقط ستعرف ذلك في نهاية المطاف، لأن الشغف هو النهاية وليس البداية، لذا لا تبدأ بالنهاية.



هل الشغف عقداً أبدياً؟


في ظل النداءات التي تحثك دائماً ألا تتنازل عن حلمك (شغفك) وأن تطارده ولا تتخلى عنه، أقول لك هذا شيء جميل وأمر نبيل، ولكن قد لا يصلح اليوم ما كنت تحلم به بالأمس، وقد لا يناسب زمنك الآن وأنت على مشارف الثلاثين أو الأربعين ما كنت تطوق إليه وأنت ابن العاشرة.



وهنا تحضرني مقولة للأستاذ يونس بن عمارة في كتابه الرائع "المقالات في تجاوز العقبات" أقتبسها منه بأن: الشغف ليس مؤبداً، بمعنى أن أحلام الطفولة والصبا غالباً لن تتحقق، ربما لأن تحققها يلوثها وتفضل أن تبقى في قلوبنا نقية بريئة" وأضاف "الإنسان كونٌ واسع فيه الكثير، ولن يكون لك شغفٌ واحد طيلة عمرك، فإن مات شغفك فأحيي آخر"


البحث عن الشغف من كتاب المقالات في تجاوز العقبات
اسكرين شوت من كتاب "المقالات في تجاوز العقبات" للأستاذ يونس بن عمارة


نعم، لا تتسم بالجمود فإذا مات شغف أحيي آخر، وإذا لم تجده ابنيه وأقم جوانبه بنفسك وألصق به صفة المرونة بحيث تطوعه بما يتناسب مع زمنك وأدوات عصرك وامكانياتك الحالية.



من هنا نخلص إلى أن "اتبع شغفك" هي نصيحة مشوشة وغير واضحة في كثير من الأحيان، لأن الشغف بالشيء لا يأتي بدون تكوين فكرة كافية عنه.



أتمنى أن أكون قد وفقت في ايصال الفكرة والغرض من هذا المقال، وفي انتظار آرائكم ووجهات نظركم بالتعليقات.



كلمة شكر

هذا المقال يعد تفريغ نصي مع اضافة وتصريف لما جاء باحدى حلقات المهندس أحمد أبو زيد اليوتيوبر المصري المعروف، الذي ألهمني ولا زال.


رابط الحلقة الأصلية: https://youtu.be/5Z4MorOFbEo





هذا المقال لك إذا كنت تبحث عن:
الشغف، شغف، اتبع شغفك، لا تتبع شغفك، ما هو الشغف، كيف نكتشف الشغف، اكتشف شغفك، ما هو الشغف، ماذا تعرف عن الشغف؟، البحث عن الشغف، مشكلة الشغف، تعريف الشغف، مفهوم الشغف، مصطلح الشغف، مشكلة البحث عن الشغف، معضلة الشغف، كلمة الشغف، الشغف بالعمل، هل انت شغوف بعملك؟، معنى الشغف، حالة الشغف، الحب والشغف، اتبع شغفك هل هي نصيحة جيدة، التعريف الصحيح لمفهوم الشغف، المعنى الصحيح للشغف، هل اتبع شغفي أم لا اتبع شغفي، اتبع شغفك لا تتبع شغفك، فقدان الشغف، بريق الشغف، مساويء الشغف، عيوب الشغف، مميزات الشغف، اعرف شغفك، ابحث عن شغفك، ابحث عن الشغفك


Reactions:

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. غير معرف17.2.23

    موضوع رائع كالعادة بشمهندس مدبولي

    ردحذف

إرسال تعليق